ضرورة تعديل قاعدة الاستثناء فورًا!!

يسري سلال 24 مارس 2020 | 4:04 ص قضايا نحويَّة 1970 مشاهدة

[1 ] القاعدة الأولى التي يجب إعادة صياغتها:
في حالة الاستثناء التَّام المنفيِّ بـ (إلا )، يُعرب ما بعد (إلا ) مستثنى منصوبًا أو بدلا.
والقاعدة بهذه الصِّياغة، لن أقول غير صحيحةٍ، وإنَّما على الأقلِّ غير دقيقةٍ.
حيث يعتقد بعض الإخوة المعلِّمِين خطأ، أنَّ كلَّ مستثنى في هذه الحالة يجوز إعرابه مستثنى، ويجوز إعرابه بدلا، وهذا غير صحيحٍ، وإنَّما قد يجوز أحد الوجهَين فقط أحيانًا، ويجوز الوجه الآخر وحده أحيانًا، وقد يجوز الوجهان معًا أحيانًا أخرى.

وعلى ذلك، ينبغي تعديل القاعدة فورًا كالتَّالي:
في حالة الاستثناء التَّام المنفيِّ، يُعرب ما بعد (إلا )، مستثنى منصوبًا، أو بدلا، أو كليهما.
ولا يخفى على حضراتكم أنَّ عبارة (أو كليهما ) المقترحة، تعني أنَّه ليس الوجهان جائزَين معًا دائمًا.

وما دعاني إلى اقتراح هذا التَّعديل، أنَّ هناك سؤالا – حول القاعدة التي نردِّدها جميعًا – لا يسأله أحد، وهو:
هل (أو )، في تلك القاعدة، تفيد التَّخيير (أي جواز إعراب واحد من الإعرابَين )، أم الإباحة (ما يعني جواز الإعرابَين معًا مطلقًا )؟

وفي الحقيقة، فإنَّ الإجابة على هذا السُّؤال مربكة ومعقَّدة للغاية؛ إذ ينبغي الإجابة على السُّؤال في سياقَين مختلفَين: سياق المتكلِّم، وسياق الامتحانات:
السِّياق الأوَّل: سياق المتكلِّم:
من حقِّك – كمتكلِّمٍ أو ككاتبٍ بالعربيَّة – أن تقول: لم ينجح الطُّلَّاب إلا المجتهدِين (مستثنى منصوب )، ومن حقِّك أن تقول: لم ينجح الطُّلَّاب إلا المجتهدون (بدل مرفوع )، وفي الحالتَين أنت مُحِقٌّ مائة بالمائة.
إذن، في هذا السِّياق (سياق المتكلِّم )، (أو ) ستفيد التَّخيير (أنتَ بالخيار ).

السِّياق الثَّاني: سياق الامتحانات: وهنا سيتوقَّف الأمر على نموذج السُّؤال:
النَّموذج الأوَّل:
لم تنضج الفاكهةُ إلا …… (البرتقالَ – البرتقالُ – الإجابتان صحيحتان ).
هنا ستكون الإجابة: الإجابتان صحيحتان.

النَّموذج الثَّاني / الإشكاليَّة:
النَّموذج الثَّاني (أ ):
لم يحضر التَّلاميذ إلا تلميذان. أعرب (تلميذان ).
من العبث هنا أن تعربها مستثنى منصوبًا أو بدلا؛ إذ لو كانت مستثنى لنُصِبت، وبالتَّالي فإعرابها هنا بدل مرفوع فقط.

النَّموذج الثَّاني (ب ):
ما انطلقت القطارات إلا قطارَين. أعرب المستثنى.
من العبث كذلك أن تعربها مستثنى منصوبًا أو بدلا؛ إذ لو كانت بدلا لرُفِعت، وبالتَّالي فإعرابها هنا مستثنى منصوب فقط.

في النَّموذجَين السَّابقَين جاز إعرابٌ واحدٌ من الإعرابَين. فمتى يجوز الإعرابان في سياق الامتحانات سواءً بسواء:
أ – إذا كان المستثنى منه (المبدل منه ) منصوبًا؛ حيث سيكون المستثنى منصوبًا، والبدل منصوبًا أيضًا:
– ما تناولتُ الطَّعام إلا وجبتَين (وجبتَين: مستثنى منصوب، أو بدل منصوب ).

ب – إذا كان المستثنى منه (المبدل منه ) مجرورًا، والمستثنى مثنَّى أو جمع مذكَّرٍ سالم؛ حيث علامة نصب وجرِّ المثنَّى وجمع المذكَّر السَّالم واحدة:
– ما سلَّمتُ على أصدقائي إلا صديقَين (صديقَين: مستثنى منصوب بالياء، أو بدل مجرور بالياء ).

ج – إذا استحال تمييز علامة إعراب المستثنى؛ لكونه مفردًا أو جمع تكسيرٍ معرَّفًا مثلا، أو لانتهائه بالتَّاء المربوطة:
– لن تُقَام المباريات إلا المباراة الأولى. (المباراة: مستثنى منصوب وعلامة النَّصب الفتحة، أو بدل مرفوع وعلامة الرَّفع الضَّمَّة.

إذن ….
– يمكن إعراب ما بعد (إلا ) – في الحالة الثَّانية من حالات الاستثناء – مستثنى فقط أحيانًا.
– ويمكن إعرابه بدلا فقط أحيانًا.
– ويمكن إعرابه مستثنى أو بدلا أحيانًا.

[2 ] القاعدة الثَّانية التي يجب إعادة صياغتها:
المستثنى بعد (خلا )، و (عدا )، و (حاشا ) يمكن إعرابه مفعولا به (وتكون الأداة قبله فعلا ماضيًا )، ويمكن إعرابه اسمًا مجرورًا (وتكون الأداة قبله حرف جرٍّ ):
وهنا ستواجهنا نفس الإشكاليَّة؛ حيث القاعدة ليست مطلقةً:
أ – فيمكن إعراب ما بعد هذه الأدوات مفعولا به فقط:
– حضر الطُّلَّاب خلا محمَّدًا.

ب – ويمكن إعرابه اسمًا مجرورًا فقط:
– حضر الطُّلَّاب خلا محمَّد.

ج – ويمكن جواز الوجهَين:
– حضر الطُّلَّاب خلا الطَّالب الأوَّل.
– حضرت الطَّالبات عدا طالبة.
– حضر الطُّلَّاب حاشا طالبَين.

طبعًا مع مراعاة التَّمييز بين سياق المتكلِّم وسياق الامتحانات بأنواعها كما أسلفنا: فأنتَ كمتكلِّمٍ يمكنك أن تقول: حضر الطُّلَّاب خلا محمَّدًا، ويمكنك أن تقول: حضر الطُّلَّاب خلا محمَّدٍ، أمَّا في سياق الامتحانات، فالأمر مرهونٌ بعلامة إعراب المستثنى، وما إذا كانت تناسب الوجهَين أم أحدهما فقط.

وعلى ذلك، وينفس القياس، ينبغي؛ لتجنُّب اللَّبس، إعادة صياغة القاعدة (بإضافة عبارة وقد يصحُّ الوجهان معًا ) كالتَّالي:
المستثنى بعد (خلا )، و (عدا )، و (حاشا ) يمكن إعرابه مفعولا به (وتكون الأداة قبله فعلا ماضيًا )، ويمكن إعرابه اسمًا مجرورًا (وتكون الأداة قبله حرف جرٍّ )، وقد يصحُّ الوجهان معًا.