التَّفريق بين المصدر الصِّناعيِّ والاسم المنسوب – وإعراب المستثنى.. أوهام نحويَّة!!

يسري سلال 19 فبراير 2019 | 5:49 م قضايا نحويَّة 16270 مشاهدة

التَّفريق بين المصدر الصِّناعيِّ والاسم المنسوب – وإعراب المستثنى.. أوهام نحويَّة!!
التَّفريق بين المصدر الصِّناعيِّ والاسم المنسوب – وإعراب المستثنى.. أوهام نحويَّة!!
بقلم الأستاذ/ يسري سلال
برعاية موقع نحو دوت كوم – ومبادرة نَحْوَ نَحْوٍ جَدِيدٍ
 
أوَّلا: في التَّفريق بين المصدر الصِّناعيِّ والاسم المنسوب:
من المعروف أنَّ الاسم المنسوب ينتهي بياء النَّسب المشدَّدة، بينما المصدر الصِّناعيُّ ينتهي بياءٍ مشدَّدةٍ وتاءٍ مربوطةٍ، فإذا أُنِّث الاسم المنسوب، وأُضِيفت إليه التَّاء المربوطة، يحدث عندئذٍ الالتباس بينهما؛ حيث كلاهما في هذه الحالة ينتهي بالياء المشدَّدة والتَّاء المربوطة.
 
وللتَّفريق بين هذا وذاك اعتاد المعلِّمون، ومؤلِّفو الكتب الخارجيَّة، على القول: إنَّ الاسم المنسوب يُعرَب نعتًا، بينما المصدر الصِّناعيُّ لا يقع نعتًا.
 
وممَّا يعزِّز هذا الظَّنَّ، أنَّ السُّؤال يرد دائمًا في تدريبات وامتحانات الثَّانويَّة العامَّة على هيئة أنَّ الاسم المنسوب نعت، والمصدر الصِّناعيُّ غير ذلك.
 
مثال: من الوطنيَّة تشجيع المنتجات الوطنيَّة. بيِّن نوع (الوطنيَّة ) في كلا الموضعَين.
 
ورغم أنَّ الثَّانية قد وقعت نعتًا؛ فهي اسمٌ منسوبٌ، أمَّا الأولى فهي مصدرٌ صناعيٌّ بالفعل، إلا أنَّ القاعدة – بالصُّورة التي تُدَرَّس بها – تحمل مغالطةً كبيرةً.
 
فالحقيقة أنَّه في الوقت الذي لا يمكن بأيِّ حالٍ أن يقع المصدر الصِّناعيُّ نعتًا، فإنَّ الاسم المنسوب قد يقع نعتًا، وقد يقع غير ذلك.
 
مثال: المصريَّة تحبُّ وطنها – أحترم المصريَّة التي تعول أولادها.
في الجملة الأولى وقعت كلمة (المصريَّة ) مبتدأ، وفي الثَّانية وقعت مفعولا به، ومع ذلك فكلتاهما اسمٌ منسوبٌ بلا شكٍّ.
 
إذن: يجب أن تُصَاغ القاعدة كالتَّالي:
المصدر الصِّناعيُّ لا يقع نعتًا، بينما الاسم المنسوب (قد ) يقع نعتًا.
 
ملاحظة إضافيَّةٌ:
هناك فارقٌ آخر مهمٌّ، وهو أنَّ المصدر الصِّناعيَّ لا يمكن أن يعبِّر عن عاقلٍ؛ لأنَّ المصدر الصِّناعيَّ يشير إلى مجموعة (صفاتٍ ) تميِّز شيئًا ما، في حين أنَّ الاسم المنسوب قد يعبِّر عن العاقل، وقد يعبِّر عن غير العاقل.
 
ثانيًا: إعراب المستثنى:
أعني هنا المستثنى في أسلوب الاستثناء التَّامِّ المنفيِّ [والذي يجوز إعرابه مستثنى منصوبًا، ويجوز إعرابه بدلا من المستثنى منه ] – والمستثنى بعد (خلا ) و (عدا ) و (حاشا ) [والذي يجوز إعرابه مفعولا به – والأداة قبله فعل ماضٍ، ويجوز إعرابه اسمًا مجرورًا – والأداة قبله حرف جرٍّ ].
 
وفي حين يُعرِب الكثير من الطُّلاب – وبعض المعلِّمين للأسف – المستثنى في هذه الحالة مستثنى منصوبًا أو بدلا دائمًا، فإنَّ الحقيقة أنَّ (الجواز ) في الحالتَين مقيَّدٌ بعلامة الإعراب:
1 – المستثنى بـ (إلا ) في الاستثناء التَّامِّ المنفيِّ:
ينبغي التَّمييز في هذا الصَّدد بين سؤال الاختيار من متعدِّدٍ، وسؤال الإعراب:
– ما نضجت الفاكهةُ إلا …. (البرتقالُ – البرتقالَ – كلتاهما ).
هنا تجوز الإجابتان: الرَّفع؛ على أنَّها بدلٌ من المستثنى منه المرفوع، والنَّصب؛ على أنَّها مستثنى منصوب.
 
أمَّا في سؤال الإعراب، فستتوقَّف الإجابة على علامة إعراب المستثنى:
أ – فقد (يجب ) إعرابها بدلا فقط [إذا ظهرت على المستثنى علامة الرَّفع، أو علامة الجرِّ ].
ب – وقد (يجب ) إعرابها مستثنى فقط [إذا ظهرت على المستثنى علامة النَّصب، وكان المستثنى منه مرفوعًا، أو مجرورًا ].
ج – وقد يجوز الإعرابان [إذا كان المستثنى منه منصوبًا – وإذا لم تظهر أيُّ علامة إعرابٍ على المستثنى ].
 
– ما حضر الطُّلاب إلا طالبَين. (مستثنى منصوب، ولا يجوز البدل ).
– ما حضر الطُّلاب إلا طالبان. (بدل مرفوع، ولا يجوز النَّصب على الاستثناء ).
– ما كافأتُ الطُّلاب إلا طالبَين – ما نجحت الطَّالبات إلا طالبة (يجوز الإعرابان: في الجملة الأولى لأنَّ المستثنى منه منصوب – وفي الثَّانية لأنَّ كلمة طالبة لا يظهر عليها علامة الإعراب ).
 
أمَّا أن نقول في إعراب المستثنى في الجملتَين الأولى والثَّانية: مستثنى أو بدل، فهو خطأ لا يمكن قبوله بأيِّ حالٍ من الأحوال.
 
2 – المستثنى بعد (خلا ) و (عدا ) و (حاشا ):
بنفس الطَّريقة السَّابقة:
أ – قد (يجب ) إعرابه مفعولا به فقط [إذا ظهرت عليه علامة النَّصب ].
ب – وقد (يجب ) إعرابه اسمًا مجرورًا فقط [إذا ظهرت عليه علامة الجرِّ ].
ج – وقد يجوز الإعرابان [إذا تساوت علامتا النَّصب والجرِّ، كما في المثنَّى وجمع المذكَّر السَّالم – وإذا لم تظهر عليه أيُّ علامة إعرابٍ ].
 
– نجح الطُّلاب عدا طالبًا. (مفعول به، ولا يجوز اسم مجرور ).
– نجح الطُّلاب خلا طالب. (اسم مجرور، ولا يجوز مفعول به ).
– نجح الطُّلاب حاشا طالبَين – نجحت الطَّالبات عدا الطَّالبة المهملة. (يجوز الإعرابان: في الجملة الأولى لأنَّ الياء علامة نصبٍ وجرٍّ في نفس الوقت – وفي الثَّانية لأنَّ المفرد المعرَّف بأل لا تظهر عليه علامة الإعراب ].
والقول أيضًا بجواز الإعرابَين في المثالَين الأوَّل والثَّاني سخافة غير مقبولةٍ.