لكلِّ مَن أراد أن يتَّعظ أو يعتبر!!

يسري سلال 29 ديسمبر 2019 | 1:20 ص شخصيٌّ 1696 مشاهدة

من أروع ما ورد في الأثر .. أنَّ الدُّنيا:
– إذا أقبلت أدبرت ..
– وإذا حلت أوحلت ..
– وإذا أينعت .. نَعَتْ!!

ولأنَّني – والحمد لله ربِّ العالمين – ممَّن عضَّهم الدَّهر بنابه، فإنَّني لستُ بمَن يغترُّ بالدُّنيا، وإنَّما أنا أعرف يقينًا أنَّها غرَّارةٌ ضرَّارة .. وأنَّها ما أتت إلا لتذهب

لم أغفل يومًا عن هذه الحقائق، وأنا – يعلم الله – ممَّن إذا أصبَحَ توقَّعَ ألا يمسي، ومع ذلك، فقد مرَّ بي أوَّل أمس ما جعلني أمتلئ أسى وقهرًا، وأدرك يقينًا أنَّ شمسي أوشكت أن تغيب، وما فكَّرتُ في أن أقصَّ عليكم ما جرى إلا لتعتبروا، وتأخذوا العظة

أوَّل أمس ذهبتُ إلى مديريَّة التَّربية والتَّعليم بدمياط لإكمال إجراءات (إنهاء الخدمة )، التي أُجبِرتُ عليها كما تعلمون

وانتهيتُ من إجراءات هذا اليوم، ومكتب (إنهاء الخدمة ) بالدَّور الثَّاني، ونزلتُ من مبنى المديريَّة إلى الشَّارع. وبعد أن ابتعدتُ قليلا تذكَّرتُ أنَّ ثمَّة ورقةً لم أستوفِها؛ فعدتُ أدراجي، وأنا أشعر بالقهر لاضطراري للعودة، وأنا عاجزٌ تمامًا عن الحركة

وأمسكتُ بـ (درابزين ) السُّلَّم لأتسنَّد عليه أثناء صعودي، وأنا لا أكاد أشعر بنفسي من شدَّة الإرهاق والتَّعب والألم، وبعد أن صعدتُ عدَّة درجاتٍ، ظهرت أمامي سيِّدةٌ عجوزٌ طاعنةٌ في السِّنِّ (ربَّما تكون في سنِّ جدَّتي )، تهبط السُّلَّم بصعوبةٍ بالغةٍ، وهي تتسنَّد على نفس الـ (درابزين ) الذي أتسنَّد عليه أنا صعودًا

وبينما هممتُ بأن أتخلَّى لها أنا عن الـ (درابزين )؛ إشفاقًا عليها وعلى سنِّها، أقول (بينما )؛ لأنَّني لم أكد أفكِّر في الأمر، حتَّى سبقتني هي؛ فانتحت إلى الجانب الآخر من السُّلَّم؛ مؤثرةً إيَّاي بالـ (درابزين )، وهي (تدعو لي بالشِّفاء )!!

حينها أدركتُ أنَّني صرتُ شبه عاجزٍ عن الحركة، وهو ما يفسِّر نظرات الإشفاق في عيون كلِّ مَن يقابلني في الطَّريق

وقلتُ في نفسي:
– إلى هذا الحدِّ تَهَدَّمتُ؟!!
– إلى هذه الدَّرجة سقطتُ في الهاوية؟!!

لم أشعر بالنِّقمة، ولكنَّني شعرتُ بالأسى على نفسي؛ لأنَّني لو كنتُ أعرف أنَّ الحياة قصيرةٌ إلى هذه الدَّرجة، لأحسنتُ العمل، ولاتَّخذتُ لنفسي زادًا يبلِّغني الآخرة

إنَّني لا أنفكُّ أقول (ليلا، ونهارًا ): الحمد لله الذي ابتلاني وعافى أولادي .. الحمد لله الذي شرَّفني بالابتلاء .. ما ابتلى إلا ليغفرَ .. ويرفعَ به الدَّرجات

ولكنَّني أدعو الله أن يمدَّ في عمري حتَّى:
– أعمل عملا صالحًا يثقِّل موازيني
– أكمل أمانة الموقع، وأؤدِّي حقَّ محبِّي النَّحو عليَّ
– أخبر كلَّ مَن أُحِبُّ بأنَّني أحبُّهم

الحمد لله ربِّ العالمين