يا ابن الكـ .. !! يا بنت الو… !!

يسري سلال 14 فبراير 2019 | 4:48 ص عامٌّ 1991 مشاهدة

يا ابن الكـ .. !! يا بنت الو… !!

بقلم الأستاذ/ يسري سلال
 
سامحوني أيُّها الأحبَّة أنَّكم تقرءون الآن، على هذه الصَّفحة، التي تعوَّدتم أن تقرءوا عليها كلَّ جادٍّ وعلميٍّ، هذا العنوان، بكلِّ ما يحمله من إيحاءات.
 
ولعلَّكم تقولون: عهدناك مهذَّبًا ووقورًا .. فما الذي أصابك؟!! ومَن هؤلاء الذين تسبُّهم؟!!
 
لا تقلقوا؛ فما زلتُ على العهد: وقورًا، مهذَّبًا. وما زلتُ – والحمد لله – عند ما تشرفُّونني به من حُسن الظَّنِّ.
 
نعم .. لا أسبُّ أحدًا، ولا أقصد أحدًا، وإنَّما للموضوع – على طرافته – قصَّةٌ تستحقُّ أن تُروَى:
 
في أحد البرامج على يوتيوب، واسمه (مذيع الشَّارع )، وعدَّة برامج أخرى بنفس الفكرة، يستوقف المذيع شبابًا في الشَّارع، ويطلب من كلٍّ منهم أن يتَّصل بوالده أو والدته؛ فيخبره بأمرٍ ما، كـ (مقلب )، من نوعيَّة: أنا مسكت إيد زميلتي واتفصلت من الكلِّيَّة .. أنا كنت قاعدة مع زميلاتي وكانوا بيشربوا حشيش واتقبض علينا .. أنا عايزة أسهر مع صديقاتي في الدِّيسكو .. وغير ذلك من المقالب.
يا ابن الكـ .. !! يا بنت الو… !!
فكرة البرنامج طريفة، ويحمل مفارقاتٍ مضحكة، وسبب الطَّرافة، ليس فقط أنَّ هؤلاء الآباء والأمَّهات، المغرَّر بهم، يتحدَّثون بكلِّ بساطةٍ وأريحيَّةٍ وتلقائيَّة، نابعة من عدم علمهم بالمرَّة أنَّ هناك مَن يسجِّل، وسيذيع، كلَّ ما يُقال، وإنَّما السَّبب الأهم للطَّرافة، أنَّ أغلب الآباء والأمَّهات، سواءً قبل أن يكتشفوا المقلب، أو بعده، كانوا يطلقون ألسنتهم بالشَّتائم لأبنائهم وبناتهم، وبطريقة توحي بأنَّ هذه هي اللُّغة المستخدمة بينهم في العادة، بدليل أنَّ الشَّباب والشَّابات كانوا يستلقون من الضَّحك بعد سماعهم لهذه الشَّتائم!!
 
ورغم أنَّ بعض الشَّتائم كانت نابيةً، وخارجةً تمامًا، فإنَّ الشَّتائم الرَّئيسيَّة كانت أنَّ الأب يقول لابنه: يا ابن الكـ .. !! بينما تقول الأمُّ لابنتها: يا بنت الو… !! ههههههه
 
واكتشفتُ أنَّ أغلب الآباء المصريِّين يسبُّون أبناءهم بنفس السِّباب، وأنَّ الكثيرات من الأمَّهات أيضًا تستخدمن نفس اللَّفظ في سباب بناتهنَّ.
 
وهذا الأمر ليس مقصورًا، في رأيي، على طبقةٍ دون طبقةٍ، إلا أنَّه بينما يبدو الأمر طبيعيًّا وغير مستغربٍ في المناطق الشَّعبيَّة، فإنَّ الغريب أن نفس الألفاظ تتردَّد أيضًا في منازل أسر الطَّبقات الوسطى، بل والطَّبقات المرفَّهة أيضًا.
 
طبعًا (يا ابن الكـ .. – ويا بنت الو… !! ) ليست السِّباب الوحيد من الأب لابنه، ومن الأمِّ لابنتها، وإنَّما هناك شتائم أخرى أقلُّ وطأةً، وشتائم أخرى أكثر فداحةً، ولكنَّني أعتقد أنَّ هذين السِّبابَين هما المفضَّلان عند الآباء والأمَّهات المصريَّات!!
 
ولا أعرف بصراحة، هل هناك دراسات اجتماعيَّة تناولت هذه الظَّاهرة ووثَّقتها أم لا، وأعتقد أنَّ المجتمع المصريَّ لا ينفرد بها؛ حيث سمعت شتائم من هذا النَّوع في فيديوهات منزليَّة عفويَّة عربيَّة أيضًا، بل لعلَّ هذه الظَّاهرة ليست مقصورةً على المجتمعات العربيَّة وحدها.
 
ولكن، وبصراحةٍ، فإنَّني – فيما يخصُّ هذه الظَّاهرة – أحمد الله على أمرَين:
الأوَّل: أنَّ هذه الشَّتائم تُلقَى غالبًا في سياق الدُّعابة (وليس هذا تبريرًا لها بالتَّأكيد ).
والثَّاني: أنَّنا ما زلنا – حتَّى الآن – منظَّمِين وملتزمِين؛ فالأب يسبُّ نفسه في الحقيقة قائلا: يا ابن الكـ ..!! بينما تلتزم الأمُّ المصريَّة – وهي تسبُّ ابنتها – بأن تشتم نفسها هي قائلةً: يا بنت الو… !!
 
وأتمنَّى ألا يأتي اليوم الذي يتبادلان فيه الأدوار: فيقول الأبُّ لابنه: يا ابن الو… !! وتقول الأمُّ لابنتها: يا بنت الك.. !!
(حدث هذا فعلا في القليل من الفيديوهات بالمناسبة!! )
ههههههههه